أوليمبياد لندن..مكافأة نهاية الخدمة لـ"عواجيز" كرة القدم
تقدم بهم قطار العمر، وتبددت احلامهم في المشاركة بكأس العالم، العرس الكروي الأهم على الاطلاق، لكن شعاعا من النور لاح في الأفق قبل ختام مسيرتهم الدولية، حمل معه حسن الختام، وسلمهم لواء شرف تمثيل بلادهم في دورة الألعاب الأوليمبية، حلم كل رياضي على وجه الأرض.
وتشهد دورة لندن 2012 مشاركة كتيبة من المحاربين القدامى ممن يملكون باعا طويلا في عالم الساحرة المستديرة على الصعيدين المحلي والدولي، ولكن لم تتسن لهم فرصة اللعب في المونديال، فابتسم الحظ لهم اخيرا وفتح لهم ابواب الأوليمبياد، ثاني أهم وأكبر أحلام أى لاعب كرة قدم فى العالم، والحديث هنا مرتبط بالأسطورة الويلزي ريان جيجز، والمصري محمد أبو تريكة والمغربي حسين خرجة.
بطبيعة الحال ستتسلط الاضواء بشكل أكبر على الأسطورة الحية بفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي ريان جيجز، الذي لا يزال يبهر جمهور اللعبة الشعبية الأولى بعطائه الوفير في سن الـ39 ، فبعد 20 موسما في البريمير ليج، صار معشوق جماهير "الشياطين الحمر" الأول دون منازع، لكنه تعرض لظلم شديد على الصعيد الدولي لمجرد أنه يحمل الجنسية الويلزية.
فموهبة جيجز وتفانيه في الملعب ليس محلا شك، بل كان يستحق عن جدارة الفوز بالكرة الذهبية ولو لمرة واحدة طوال مسيرته المبهرة، لكن شاء القدر أن ينتمي الى منتخب ويلز المتواضع الذي يتذيل تصنيفات منتخبات اللعبة، مما أبعده عن المشاركة في البطولات الكبرى كالمونديال واليورو، وأضعف حظوظه في نيل الجائزة التي يطمع بها لاعبون لا يقلون عنه موهبة.
ومع طول صبره لم يفقد جيجز الأمل، ومع تبقي عام واحد في عمره لإتمام العقد الرابع، نال مكافأة نهاية الخدمة التي لم تكن في الحسبان، إذ أتيحت له فرصة قيادة منتخب بريطانيا المشارك في دورة لندن للمرة الأولى منذ 1960 ، حيث يجمع لاعبي إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية سويا نظرا لأن الدورة تقام على أرض المملكة التي لا تغيب عنها الشمس.
وإلى جانب جيجز فقد اختير مواطنه مهاجم ليفربول كريج بيلامي (33 عاما) ومدافع مانشستر سيتي الإنجليزي ميكا ريتشاردز (24 عاما) كثلاثي فوق السن المحدد للاعبي المنتخب الأوليمبي (23 عاما أو أقل).
وفي المقابل تلقت جماهير بريطانيا صدمة استبعاد المدرب ستيوارت بيرس للنجم المخضرم ديفيد بيكهام ابن الـ37 ربيعا، حيث كان الجميع يعتقد أن مشاركته في الأوليمبياد أمر طبيعي نظرا للدور البارز الذي لعبه في الملف المقترح لاستضافة الدورة، بجانب اسمه اللامع بين مشاهير اللعبة.
ولم يخف بيكهام، لاعب لوس أنجليس الأمريكي الحالي ونجم ريال مدريد الإسباني السابق، صدمته من استبعاده من الأوليمبياد بعد أن كان يهيئ نفسه لمزاملة جيجز، رفيق كفاحه في مان يونايتد، وقد اعترف زملاؤه في الفريق الأمريكي بأنه دخل في نوبة بكاء كالاطفال في غرف الملابس فور علمه بخروجه من قائمة بريطانيا في الدورة.
وأكد بيكهام أنه لم يكن ينتظر أن يمن عليه ستيوارت ويكافئه على دوره في الملف بإدراج اسمه في القائمة، مشيرا الى أنه شعر بالفخر كونه أحد افراد اللجنة المنظمة للأوليمبياد ولم يكن ينتظر أجرا أو هدية على ذلك، بينما شعر بخيبة الأمل لأنه كان يظن نفسه مؤهلا للمشاركة في الحدث التاريخي، فضلا عن رغبته في ترك بصمة هامة لبلاده في المحافل الدولية بعد الاخفاقات في مونديالات 1998 و2002 و2006.
وبالانتقال الى منتخب المكسيك، فإن قائمة "عواجيز الأوليمبياد" تشمل الثنائي كارلوس سالسيدو لاعب تيجريس وخوسيه كورونا لاعب كروز أزول، حيث يبلغان من العمر 32 و31 عاما على التوالي، وانضم اليهما أوريبي بيرالتا من سانتوس لاجونا في سن الـ28 ، وهم كحال جيجز، لم تسبق لهم المشاركة في البطولات الكبرى، فيما استدعى أوسكار تاباريز مدرب أوروجواي لاعب الوسط المخضرم إخيديو أريفالو ريوس (30 عاما).
أما فرسان الرهان العرب الممثلين في منتخبات مصر والمغرب والإمارات، فستكون عصا القيادة في حوذة الثلاثي المصري محمد أبو تريكة أسطورة الأهلي (34 عاما)، والمغربي حسين خرجة (30 عاما) المنضم حديثا للعربي القطري بعد رحلة احترافية طويلة في الكالتشو الإيطالي بقمصان سيينا وجنوة وإنتر ميلانو وفيورنتينا، والإماراتي اسماعيل مطر (29 عاما) نجم فريق الوحدة الاماراتي وأحد أفضل لاعبي آسيا.
فصانع العاب وهداف الأهلي المخضرم أبو تريكة يملك مسيرة مشرفة على المستويين المحلي والقاري، فنال كل ما يمكن نيله من بطولات مع فريقه ومنتخب بلاده، أبرزها بطولتي أمم أفريقيا 2006 و2008 ، ودوري أبطال أفريقيا ثلاث مرات، والسوبر الأفريقي مرتين، والدوري المحلي سبع مرات والكأس ثلاث مرات.
لكن على الصعيد الدولي حرم أبو تريكة من اللعب في كأس العالم كما حرمت منه مصر منذ نسخة إيطاليا 1990 ، واكتفى باللعب في مونديال الأندية ثلاث مرات، وفي نسخة 2006 باليابان توج هدافا للبطولة وقاد فريقه للبرونزية.
وعلى الرغم من أن القميص رقم 22 ماركة مسجلة بإسم أبو تريكة، الا أنه طلب ارتداء القميص رقم 5 ، اقتداء بمثله الأعلى أسطورة كرة القدم الفرنسي زين الدين زيدان، حتى أن النجم المصري يعرف في الاوساط الرياضية وبين محبيه بـ"زيدان العرب".
كانت موهبة أبو تريكة تستحق أن تسطع عالميا، لكن اصراره على اللعب المحلي وعدم خوض أي تجربة للاحتراف بالدوريات الأوروبية مع تقدمه في العمر، جعل من موهبته مقتصرة على الساحتين العربية والأفريقية، لكنه يسعى لاستعادة ريعان شبابه في الأوليمبياد التي ستعوضه اخفاقات التأهل للمونديال، ليتقمص شخصية "جيجز المصري" في لندن.
وعلى النقيض لجأت منتخبات كالبرازيل وإسبانيا وأوروجواي إلى ريعان الشباب بين اللاعبين الثلاثة المسموح بهم فوق السن، على حساب عنصر الخبرة.
فالماتادور بطل العالم وأوروبا استعان بالثلاثي خوان ماتا (تشيلسي) وجوردي ألبا (برشلونة) وخافي مارتينيز (أثلتيك بلباو) من فوق السن، وعلى الرغم من ذلك فجميعهم ينتمي لجيل عام 1988 ، أي تزيد اعمارهم عن باقي زملائهم بعام واحد فقط.
ويملك المدرب لويس ميا نخبة من اللاعبين المميزين القادرين على إعادة انجاز ذهبية برشلونة 92 من نجوم الليجا والبرميرليج، وأبرزهم ديفيد دي خيا حارس مانشستر يونايتد الإنجليزي، وكريستيان تيو ومونتويا من برشلونة، وأدريان لوبيز مهاجم أتلتيكو مدريد.
ويضم الفريق كذلك أوريول روميو لاعب وسط تشيلسي، وأزبيليكويتا مدافع مارسيليا الفرنسي، وإيكر مونياين مهاجم بلباو، والمدافع ألبارو دومينجز المنتقل إلى بوروسيا مونشنجلادباخ الألماني.
وتعول أوروجواي على هداف ليفربول الإنجليزي لويس سواريز ونجم هجوم نابولي الإيطالي إدينسون كافاني لقيادة "السيليستي" في لندن، وكلاهما يبلغ من العمر 25 عاما، وهو نفس عمر الظهير الأيسر البرازيلي مارسيلو نجم ريال مدريد المشارك مع "السيليساو" في الدورة، فيما يكبره سنا زميلاه المدافع تياجو سيلفا نجم ميلان الإيطالي المنتقل حديثا لباريس سان جيرمان الفرنسي، وهالك هداف بورتو البرتغالي، ولديهما من العمر 27 و26 عاما على التوالي.
وتعقد بلد السامبا الآمال على نجمها الواعد نيمار أيقونة سانتوس وزملائه بالفريق باولو هنريكي وجانسو، وباتو مهاجم ميلان، ورافائيل ظهير مانشستر يونايتد الإنجليزي، بالإضافة إلى لوكاس مورا نجم ساو باولو.
وسبق لمنتخب الكرة البرازيلي أن حصد فضيتين وبرونزيتين في تاريخه الأوليمبي، وسيخوض غمار البطولة في النسخة المقبلة في مجموعة تضم مصر وبيلاروسيا ونيوزيلاندا. )