تخوض البرازيل ونظيرتها المكسيك نهائي مسابقة كرة القدم في أولمبياد لندن 2012 بنكهة لاتينية خالصة غداً السبت، بعد وصول منتخبي البلدين إلى النهائي الأغلى بدون أي خسارة.
وإذا كان الكثيرون توقَّعوا صعود البرازيل منصَّات التتويج في لندن، فإن قلة فقط رشَّحوا منتخب المكسيك للعب أدوار بارزة في هذا الأولمبياد، وها هما الفريقان يدخلان سباق الدقائق التسعين على الذهب الأولمبي في عاصمة الضباب.
المكسيك تخالف التكهُّناتلم يفرض المكسيكيون أنفسهم كرقم صعب في ظهورهم الأوَّل مع منتخب كوريا الجنوبية، إذ تعادلوا سلبياً واكتفوا بنقطة واحدة.
أما في المباراة الثانية، فقد نجح جيوفاني دوس سانتوس، الذي دخل بديلاً للمرَّة الثانية في الأولمبياد بقيادة منتخب بلاده إلى الفوز عندما سجَّل هدفين انتهى بهما اللقاء.
وفي الصراع على التأهُّل وجد أبناء المدرِّب لويس فيرنانديز تينا صعوبات جمَّة في تخطِّي الممثل الأوروبي الوحيد في المجموعة الثانية سويسرا في ظهورهم الثالث، وذلك بفضل تعاون النجمين دوس سانتوس وأوريبي بيرالتا، عندما صنع الأوَّل للثاني هدف الفوز الوحيد.
وفي الدور الثاني استنزف منتخب المكسيك جزءاً كبيراً من طاقته، عندما اصطدم بمنافس أفريقي صلب هو المنتخب السنغالي فأنهى الوقت الأصلي بالتعادل (2-2). واحتاجت المكسيك للعب الوقت الإضافي حتى تفوز ( 4-2).
وأمام اليابان في الدور نصف النهائي، توقَّع الكثيرون انتهاء المغامرة المكسيكية والاكتفاء باللعب على البروز، وذلك بعد تقدُّم المنتخب الياباني بهدف مبكِّر في الدقيقة 12، لكن ممثل "كونكاكاف" أصرَّ على قلب النتيجة، فأنهى الشوط الأوَّل بالتعادل ثم أجهز على منافسه بهدفين في الشوط الثاني، ليصل إلى النهائي ضارباً بكلَّ التكهُّنات عرض الحائط.
ثلاثيات "السيلساو"ما إن انطلقت المسابقة حتى فرض لاعبو المدرِّب مانو مينيزيس أنفسهم كأبرز المرشّحين للميدالية الذهبية، إذ لم ينخفض معدل التهديف لديهم عن ثلاثة أهداف منذ المباراة الأولى أمام منتخب مصر والتي أنهوها بنتيجة (3-2).
وأمام بيلاروسيا لم تجد البرازيل أي صعوبات بالفوز (3-1) في مباراة تفوَّق فيها نجم سانتوس، نيمار بشكل مطلق، فسجَّل هدف وصنع اثنين.
استمر البرازيليون في التفوُّق رغم ضمانهم التأهُّل إلى الدور رُبع النهائي، ودكُّوا شباك نيوزلندا بثلاثية أخرى هذه المرَّة دون أن تُهز شباك حارس مرماهم رافايل غابريل.
وفي الدور الثاني تخطَّى راقصو السامبا عقبة منتخب هندوراس في واحدة من أصعب مباريات الـ"سيلساو" في هذه البطولة، إذ تقدَّم منافسهم في البداية بهدف مبكِّر في الدقيقة (12)، واحتاج البرازيليون لطرد لاعب من هندوراس ليدركوا التعادل بعد التفوُّق العددي، وذلك بواسطة المتألِّق دائماً ليناردو دامياو، ثم لزم الأمر ضربة جزاء نفَّذها نيمار ليحصلوا على التعادل من جديد، بعد أن عاد منتخب هندوراس للتفوُّق مطلع الشوط الثاني.
وأنقذ دايماو منتخب بلاده من مجهول شوطي التمديد واحتمال الاحتكام إلى ضربات الترجيح، وسجّل لفريقه هدف الفوز، وبصناعة ممتازة من نيمار.
وفي الطريق إلى النهائي استمرّ العرض البرازيلي الأخّاذ، وأكَّد أبطال العالم خمس مرَّات أحقيتهم باللعب على الذهب بفوز ثلاثي أيضاً على كوريا الجنوبية (3-0).
أسلحة المنتخبين تملك المكسيك في المرمى حارساً خبيراً هو كورونا رودريغيز ابن الواحد والثلاثين عاماً كابتن الفريق ومُلهمه، كما أنها قدَّمت في هذه البطولة نجماً مميّزاً في خط الهجوم وهو دوس سانتوس البرازيلي الأصل (23 عاماً) لاعب توتنهام هوتسبر الإنلكيزي، الذي كان أحد أعضاء منتخب تحت 17 سنة، الفائز بكأس العالم عام 2005، التي أقيمت في بيرو.
ويعوِّل المكسيكيون على هذا اللاعب- هدَّاف المنتخب بثلاثة أهداف- خريج مدرسة "لامسيا" في برشلونة، وابن نجم البرازيل السابق زيزينيو، لصناعة الخطر على المرمى البرازيلي.
وشكَّل سانتوس مع زميله بيرالتا (لاعب سانتوس لاغونا المكسيكي) ثنائياً رائعاً سيكون له الأثر البالغ في سعي المكسيك للذهب.
في الجانب الآخر، تزخر كتيبة الـ"سيلساو" بنجوم الطراز الأوَّل، في مقدمتهم المتألِّق نيمار، الذي سجَّل في ثلاث مناسبات ضمن دورة الألعاب الأولمبية، وصنع العديد من الأهداف لزملائه، وبجانبه هدَّاف البطولة حتى الآن برصيد ستة أهداف دامياو، الذي يحسن التصرُّف أمام المرمى بشكل مُذهل.
واستفاد مينيزيس من اللاعبين الثلاثة فوق السن بالشكل الأمثل، فالقائد تياغو سيلفا هو قلب الفريق النابض. فيما شكَّل هالك نجم بورتو البرتغالي إضافة نوعية ممتازة رفقة مارسيلو ساعد دفاع ريال مدريد الإسباني.
ولا يقتصر التألُّق البرازيلي على نجومية الفرد الواحد، إذ شكَّل العمل الجماعي خصوصاً في خط الوسط (ساندور، أوسكار، روميلو، لوكاس) أحد أهم عوامل النجاح البرازيلي.
الإنجازات الأولمبية مع مشاركتها في أولمبياد لندن، بلغت المكسيك المشاركة الأولمبية العاشرة، لم تنجح في أي منها باقتناص إحدى الميداليات الثلاث، ( باستثناء ضمانها لإحدى الميداليتين الذهبية أو الفضية في الدورة الحالية).
أما المنتخب البرازيلي فتحمل مشاركته الأولمبية في لندن الرقم 12، وبات من المعلوم توق الـ"سيلسهاو" للذهب الأولمبي الذي لم يبلغه أي جيل من أجيال السامبا، واكتفوا بالفضة دورتي (1984 و1988) والبرونز دورتي (1996 و2008)، وستكون ذهبية أولمبياد لندن خير حافز للبرازيل في سعيها إلى استعادة اللَّقب العالمي لأن المنتخب الأولمبي يمثِّل العمود الفقري للمنتخب الأوَّل.
أما فوز المكسيك فسيكون تاريخياً بكلِّ معنى الكلمة، ليس لأنه على البرازيل فحسب بل لأنه سيحصد ذهبية غاليةً جدَّاً، مع الإشارة إلى أن الفضية ستكون إنجازاً ممتازاً لسانتوس ورفاقه.
جدير بالذكر أن هذه هي المواجهة الأولى بين البرازيل والمكسيك أولمبياً.