مع تزايد الحمى في الشارع العربي في كل مباراة تجمع بين قطبي الكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة، أصبح المرء يشعر بأنه في وسط العاصمة الإسبانية لبضع ساعات بسبب تأثر الشباب العربي بشدة لا وبل بتعصب لأحد الفريقين.
ولا تتوقف الأمور على رفع الأعلام والسير في المركبات على شكل قوافل في المدن وخلق حالة من الفوضى بعد نهاية كل مباراة، وإنما تصل الى العراك بالأيدي في بعض الأحيان بعدما أصبح التعصب الكروي موضة دارجة ومرضا قاتلا يهدد المجتمع بالمشادات والمناكفات التي تنتج عنها أذية العديد من الشباب.
المثير في الأمر أنه في البلاد العربية كمثيلاتها من بقية بلدان العالم تضم عددا كبيرا من أنصار برشلونة وريال مدريد، وليس في ذلك عيب، وإنما العيب في ما يصدر من "بعض" هذه الأنصار عندما نرى هذه الكتلة مشحونة بالتعصب والغضب والحقد على بعضها البعض، وهنا لا نتحدث عن الجميع وإنما عن "البعض".
فنحن عندما نشاهد مبارة "الكلاسيكو" بين ريال مدريد والبارشا ليس من أجل المصلحة المادية، وإنما من أجل التسلية والإستفادة من خبرات اللاعبين ومشاهدة أداء ممتع يقدمه كلا الفريقين، فنحن إن خسر ريال مدريد أو برشلونة ليس لدينا أي مصلحة مادية ملموسة من الـ"كلاسيكو".
ومثال على العنف الكروي الذي يملأ الشارع العربي بعد كل مباراة "كلاسيكو"، تعيدنا الذاكرة الى إصابة أربعة أشخاص في مدينة كربلاء العراقية بجروح خطيرة نتيجة شجار بالسكاكين وقع في أحد المقاهي بعد نهاية مباراة فريقي ريال مدريد و برشلونة في أبريل/ نيسان الماضي.
وفي الأسبوع المنصرم لقي مواطن أردني من أنصار الفريق الملكي حتفه بسبب ذبحة صدرية أصيب بها بعد حزنه الشديد على نتيجة مباراة ذهاب كأس السوبر الإسباني التي انتهت لمصلحة البارشا 3-2.
وهنا لا نريد التطرق لكل حادثة فردية وقعت على إثر الـ"كلاسيكو"، فجميعنا يعلم جيدا تداعيات الكلاسيكو على الوسط الشبابي العربي... ويبقى السؤال هنا، هل فعلاً تستحق هذه المباراة أن تثير مثل هذه الأحداث في مجتمعنا؟ وهل يعلم لاعبو ريال مدريد والبارشا وغيرها من الأندية الأوروبية بأن هنالك من قضى حياته حزنا عليهم ؟
وفي النهاية تجدر الإشارة الى أن أنظار عشاق الساحرة المستديرة تتجه مساء اليوم 29 أغسطس/ آب لـ"كلاسيكو" كأس السوبر الإسباني على ستاد "سانتياغو برنابيو" لتحديد هوية البطل.